كَمَالُ الدِّينِ وَتَمامُ النِعمَةِ الشَّيْخُ الصَّدُوقُ (أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ) المُتَوَفّى سَنَةَ 381
24 – باب ما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ في النص على القائم عَلَيْهِ السَّلَامُ و أنه الثاني عشر من الأئمة عَلَيْهِم السَّلَامُ
10 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كُنْتُ جَالِساً بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مَرْضَتِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا فَدَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْها الْسَّلَامُ فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِأَبِيهَا مِنَ الضَّعْفِ بَكَتْ حَتَّى جَرَتْ دُمُوعُهَا عَلَى خَدَّيْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْشَى عَلَى نَفْسِي وَ وُلْدِي الضَّيْعَةَ بَعْدَكَ فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ يَا فَاطِمَةُ أَ مَا عَلِمْتِ أَنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَ أَنَّهُ حَتَمَ الْفَنَاءَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَنِي مِنْ خَلْقِهِ فَجَعَلَنِي نَبِيّاً ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا زَوْجَكِ وَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُزَوِّجَكِ إِيَّاهُ وَ أَتَّخِذَهُ وَلِيّاً وَ وَزِيراً وَ أَنْ أَجْعَلَهُ خَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي فَأَبُوكِ خَيْرُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ بَعْلُكِ خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ وَ أَنْتِ أَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُ بِي مِنْ أَهْلِي ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً ثَالِثَةً فَاخْتَارَكِ وَ وَلَدَيْكِ فَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ ابْنَاكِ حَسَنٌ وَ حُسَيْنٌ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَبْنَاءُ بَعْلِكِ أَوْصِيَائِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلُّهُمْ هَادُونَ مَهْدِيُّونَ وَ أَوَّلُ الْأَوْصِيَاءِ بَعْدِي أَخِي عَلِيٌّ ثُمَّ حَسَنٌ ثُمَّ حُسَيْنٌ ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ فِي دَرَجَتِي وَ لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةٌ أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ مِنْ دَرَجَتِي وَ دَرَجَةِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ أَ مَا تَعْلَمِينَ يَا بُنَيَّةِ أَنَّ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ إِيَّاكِ أَنَّ زَوْجَكِ خَيْرُ أُمَّتِي وَ خَيْرُ أَهْلِ بَيْتِي أَقْدَمُهُمْ سِلْماً وَ أَعْظَمُهُمْ حِلْماً وَ أَكْثَرُهُمْ عِلْماً فَاسْتَبْشَرَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْها الْسَّلَامُ وَ فَرِحَتْ بِمَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّةِ إِنَّ لِبَعْلِكِ مَنَاقِبَ إِيمَانُهُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ فَلَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي وَ عِلْمُهُ بِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّتِي وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي يَعْلَمُ جَمِيعَ عِلْمِي غَيْرَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ وَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَّمَنِي عِلْماً لَا يَعْلَمُهُ غَيْرِي وَ عَلَّمَ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ عِلْماً فَكُلُّ مَا عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَأَنَا أَعْلَمُهُ وَ أَمَرَنِيَ اللَّهُ أَنْ أُعَلِّمَهُ إِيَّاهُ فَفَعَلْتُ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي يَعْلَمُ جَمِيعَ عِلْمِي وَ فَهْمِي وَ حِكْمَتِي غَيْرُهُ وَ إِنَّكِ يَا بُنَيَّةِ زَوْجَتُهُ وَ ابْنَاهُ سِبْطَايَ حَسَنٌ وَ حُسَيْنٌ وَ هُمَا سِبْطَا أُمَّتِي وَ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ آتَاهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطَابِ يَا بُنَيَّةِ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ أَعْطَانَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سِتَّ خِصَالٍ لَمْ يُعْطِهَا أَحَداً مِنَ الْأَوَّلِينَ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ لَمْ يُعْطِهَا أَحَداً مِنَ الْآخِرِينَ غَيْرَنَا نَبِيُّنَا سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ هُوَ أَبُوكِ وَ وَصِيُّنَا سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ وَ هُوَ بَعْلُكِ وَ شَهِيدُنَا سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ هُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ أَبِيكِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ قَالَ لَا بَلْ سَيِّدُ شُهَدَاءِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ مَا خَلَا الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَوْصِيَاءَ وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ذُو الْجَنَاحَيْنِ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَ ابْنَاكِ حَسَنٌ وَ حُسَيْنٌ سِبْطَا أُمَّتِي وَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنَّا وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً قَالَتْ وَ أَيُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْتَهُمْ أَفْضَلُ قَالَ عَلِيٌّ بَعْدِي أَفْضَلُ أُمَّتِي وَ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ أَفْضَلُ أَهْلِ بَيْتِي بَعْدَ عَلِيٍّ وَ بَعْدَكِ وَ بَعْدَ ابْنَيَّ وَ سِبْطَيَّ حَسَنٍ وَ حُسَيْنٍ وَ بَعْدَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِ ابْنِي هَذَا وَ أَشَارَ إِلَى الْحُسَيْنِ مِنْهُمُ الْمَهْدِيُّ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا ثُمَّ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَيْهَا وَ إِلَى بَعْلِهَا وَ إِلَى ابْنَيْهَا فَقَالَ يَا سَلْمَانُ أُشْهِدُ اللَّهَ أَنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَهُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَهُمْ أَمَا إِنَّهُمْ مَعِي فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ فَقَالَ يَا أَخِي أَنْتَ سَتَبْقَى بَعْدِي وَ سَتَلْقَى مِنْ قُرَيْشٍ شِدَّةً مِنْ تَظَاهُرِهِمْ عَلَيْكَ وَ ظُلْمِهِمْ لَكَ فَإِنْ وَجَدْتَ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً فَجَاهِدْهُمْ وَ قَاتِلْ مَنْ خَالَفَكَ بِمَنْ وَافَقَكَ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاصْبِرْ وَ كُفَّ يَدَكَ وَ لَا تُلْقِ بِهَا إِلَى التَّهْلُكَةِ فَإِنَّكَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذَا اسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ كَادُوا يَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَيْشٍ إِيَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ وَ مَنْ تَبِعَهُ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعِجْلِ وَ مَنْ تَبِعَهُ يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ قَضَى الْفُرْقَةَ وَ الِاخْتِلَافَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى حَتَّى لَا يَخْتَلِفَ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا يُنَازَعَ فِي شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لَا يَجْحَدَ الْمَفْضُولُ لِذِي الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ لَوْ شَاءَ لَعَجَّلَ النَّقِمَةَ وَ كَانَ مِنْهُ التَّغْيِيرُ حَتَّى يُكَذَّبَ الظَّالِمُ وَ يُعْلَمَ الْحَقُّ أَيْنَ مَصِيرُهُ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ الْقَرَارِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْراً عَلَى نَعْمَائِهِ وَ صَبْراً عَلَى بَلَائِهِ.