وَصَمَّمَ عُمَرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ في رزية الخميس
عمر صمم على الإمتناع
فتح الباري وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: ” هَذِهِ مُكَاتَبَةُ أَنَسٍ عِنْدَنَا: هَذَا مَا كَاتَبَ أَنَسٌ غُلَامَهُ سِيرِينَ: كَاتَبَهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا أَلْفٍ وَعَلَى غُلَامَيْنِ يَعْمَلَانِ مِثْلَ عَمَلِهِ ” وَاسْتُدِلَّ بِفِعْلِ عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى بِوُجُوبِ الْكِتَابَةِ إِذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ، لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا ضَرَبَ أَنَسًا عَلَى الِامْتِنَاعِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَدَّبَهُ عَلَى تَرْكِ الْمَنْدُوبِ الْمُؤَكَّدِ،
فتح الباري 4431 ج 8 ص 134
قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِنَّمَا جَازَ لِلصَّحَابَةِ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ صَرِيحِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَامِرَ قَدْ يُقَارِنُهَا مَا يَنْقُلُهَا مِنَ الْوُجُوبِ، فَكَأَنَّهُ ظَهَرَتْ مِنْهُ قَرِينَةٌ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى التَّحَتُّمِ بَلْ عَلَى الِاخْتِيَارِ فَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمْ، وَصَمَّمَ عُمَرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنَ الْقَرَائِنِ بِأَنَّهُ – صلى الله عليه وآله – قَالَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ جَازِمٍ، وَعَزْمُهُ – صلى الله عليه وآله – كَانَ إِمَّا بِالْوَحْيِ وَإِمَّا بِالِاجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ تَرْكُهُ إِنْ كَانَ بِالْوَحْيِ فَبِالْوَحْيِ وَإِلَّا فَبِالِاجْتِهَادِ أَيْضًا، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ ” حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ ” مِنْ قُوَّةِ فِقْهِهِ وَدَقِيقِ نَظَرِهِ، لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكْتُبَ أُمُورًا رُبَّمَا عَجَزُوا عَنْهَا فَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ لِكَوْنِهَا مَنْصُوصَةً، وَأَرَادَ أَنْ لَا يَنْسَدَّ بَابُ الِاجْتِهَادِ عَلَى الْعُلَمَاءِ. وَفِي تَرْكِهِ – صلى الله عليه وآله – الْإِنْكَارَ عَلَى عُمَرَ إِشَارَةٌ إِلَى تَصْوِيبِهِ رَايَهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: ” حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ ” إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}
التصمم والإمتناع في اللغة
الامْتِناعُ عَنِ التَّدْخينِ: الكَفُّ، التَّخَلِّي عَنْهُ اِمْتِناعُ تَحَقُّقِ الأهْدافِ:-: تَعَذُّرُ تَحْقِيقِها. منَع اللهُ الخمرَ: حرّمها – مَنَّعَ عَنْهُ الأَكْلَ: حَرَمَهُ إِيَّاهُ – مَنَّعَهُ القَاضِي عَنِ المِيرَاثِ: حَجَرَ عَلَيْهِ المِيرَاثَ، أَيْ حَرَمَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ – حُبُوبُ مَنْعِ الْحَمْلِ: حُبُوبٌ لِلإِمْسَاكِ عَنِ الْحَمْلِ ولِإِعَاقَتِهِ –