التَّقِيَّةُ

التقيةُ بينَ الصحابةِ

التقية من القرآن

1 – ( لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً   ) آلُ عُمرَانَ: 28،

2 – ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ )(سورة غافر الآية 28)

3 – ( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ){النحل:106}


في صحيح البخاري ج 8 ص 17

بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اغْتِيَابِ أَهْلِ الفَسَادِ وَالرِّيَبِ

6054 – حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ، سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، أَوِ ابْنُ العَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الكَلاَمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الكَلاَمَ؟ قَالَ: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ، أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ، اتِّقَاءَ فُحْشِهِ»

وفي البخاري أيضاً

6131 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، فَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ – أَوْ بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ -» فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الكَلاَمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ مَا قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي القَوْلِ؟ فَقَالَ: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ – أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ – اتِّقَاءَ فُحْشِهِ»


في كتاب الشفعة بين الجمع العثماني والأحرف السبعة المؤلف: عرفة بن طنطاوي الناشر: مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية، القاهرة – مصر ص 408

‌‌ب – مفهوم التقيّة في الاصطلاح  ونتناول أولًا مفهوم التقيّة عند علماء أهل السنة:
يقول السرخسي: (ت: 490 هـ): والتقيّة: أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره، وإن كان يضمر خلافه.. والسرخسي قد قيدها باتقاء العقوبة.
ويقول محمّد رشيد رضا (ت: 1354 هـ): والتقيّة: ما يقال أو يُفعل مخالفاً للحقّ لأجل توقّي الضرر.. ورشيد رضا قيدها بتوقّي الضرر.
ويقول محمد مصطفى المراغي (ت: 1364 هـ):التَّقِيَّةُ، بأَن يَقولَ الإِنسانُ، أَو يَفعلُ ما يُخالفُ الحقَّ؛ لِأَجلِ التَّوَقُّي مِن ضَرَرِ الأَعداءِ، يَعودُ إِلى النَّفسِ، أَوِ العِرضِ، أَوِ الـمَالِ وكذلك المراغي قيدها بتوقّي ضرر الأعداء.

ويلاحظ أن تعريف التقيّة عند علماء الإسلام من أهل السنة مقيد بخوف الضرر، واتقاء العقوبة، وقيد ذلك أيضًا بالخوف من الأعداء، وذلك من أجل حفظ الضرورات والكليات الخمس التي جاءت بها مقاصد الشريعة، وأمرت بحفظها.
وهذه الضرورات هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسب (العرض)، حفظ المال.
‌‌_________
(1) – تاج العروس، الزبيدي 10: 396 ـ ” وقي “.
(2) – المبسوط، السرخسي 24: 45.
(3) – تفسير المنار، محمّد رشيد رضا 3: 280.
(4) – تَفسيرُ الـمَراغيّ: ٣: ١٣٧


حذيفة يستخدم التقية مع عثمان ليشتري دينه

( المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص474 ح33050).

قال أبو بكر بن أبي شيبة: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، قَالَ: ” دَخَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ لِحُذَيْفَةَ: ” بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا قُلْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: «مَا لَكَ فَلِمَ تَقُولُهُ مَا سَمِعْتُكَ تَقُولُ؟» قَالَ: «إِنِّي أَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ»

المبسوط للسرخسي ج 24 ص 46
كَانَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ التَّقِيَّةَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ يُدَارِي رَجُلًا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّك مُنَافِقٌ، فَقَالَ لَا، وَلَكِنِّي أَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ
التقية مع ولاة الأمر الطغاة

وقضية استخدام حذيفة التقية مع عثمان معروفة مشهورة حتى ان العيني اوردها باستدلال العلماء بها لإصدار الأحكام الفقهية فقال العيني في كتاب عمدة القاري  المتوفى سنة 855 هجرية  ج 13 ص 383
وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ عبد الْملك بن ميسرَة عَن النزال بن سُبْرَة، قَالَ: كُنَّا عِنْد عُثْمَان وَعِنْده حُذَيْفَة، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: بَلغنِي عَنْك أَنَّك قلت كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ حُذَيْفَة: وَالله مَا قلته، قَالَ: وَقد سمعناه قَالَ ذَلِك، فَلَمَّا خرج قُلْنَا لَهُ: أَلَيْسَ قد سمعناك تَقوله؟ قَالَ: بلَى، قُلْنَا: فَلِمَ حَلَفت؟ فَقَالَ: إِنِّي أستر دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ

فتح الباري ج 16 ص 215
وَقَالَ الْحَسَنُ: التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.


أبو الدرداء يستخدم التقية فيضحك في وجوه الناس وقلبه يلعنهم

بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ»
__________
[تعليق مصطفى البغا] [ ش (لنكشر) من الكشر وهو ظهور الأسنان وأكثر ما يكون عند الضحك وهو المراد هنا. (لتلعنهم) لتبغضهم]


أبو هريرة يُخفي أحاديث النبي صلى الله عليه وآله تقية

صحيح البخاري = الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)الطبعة: الأولى، 1422هـ ج 1 ص 35

بَابُ حِفْظِ الْعِلْمِ
117 – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ

__________
[تعليق مصطفى البغا]
120 (1/56) -[ ش (وعاءين) نوعين من العلم والوعاء في الأصل الظرف الذي يحفظ فيه الشيء. والمراد بالوعاء الذي نشره ما فيه أحكام الدين وفي الوعاء الثاني أقوال منها أنه أخبار الفتن والأحاديث التي تبين أسماء أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقيل غير ذلك. (بثثته) نشرته وأذعته. (قطع هذا البلعوم) هو مجرى الطعام وكنى بذلك عن القتل]


في البخاري التقية إلى يوم الدين

الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر  الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ ج 6 ص 33
قال البخاري سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ تُقَاةٌ وَتَقِيَّةٌ وَاحِدَةٌ
وفي البخاري
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وَقَالَ {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} وَهِيَ تَقِيَّةٌ
وفي البخاري وَقَالَ الْحَسَنُ التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ


عبد الله بن عمر يغير عدد الركات في الصلاة تقية وخوفاً من عثمان

صحيح مسلم كِتَاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا بَاب قَصْرِ الصَّلَاةِ بِمِنًى ص 312
1120 – و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَعُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعًا فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا صَلَّاهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
وذكر النووي في شرحه لمسلم
1122 – قَوْله: (فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَع رَكَعَات رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ) مَعْنَاهُ: لَيْتَ عُثْمَان صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَدَل الْأَرْبَع كَمَا كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَأَبُو بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي صَدْر خِلَافَته يَفْعَلُونَهُ. وَمَقْصُوده كَرَاهَة مُخَالَفَة مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ، وَمَعَ هَذَا فَابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مُوَافِق عَلَى جَوَاز الْإِتْمَام، وَلِهَذَا كَانَ يُصَلِّي وَرَاء عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مُتِمًّا، وَلَوْ كَانَ الْقَصْر عِنْده وَاجِبًا لَمَا اِسْتَجَازَ تَرْكه وَرَاء أَحَد.


جَواز الصلاة مع ولاة الأمر تقيةً

تفسير القرطبي ج 16 ص 312
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: وَمِنْ الْعَجَب أَنْ يُجَوِّز الشَّافِعِيّ وَنُظَرَاؤُهُ إِمَامَة الْفَاسِق. وَمَنْ لَا يُؤْتَمَن عَلَى حَبَّة مَال كَيْف يَصِحّ أَنْ يُؤْتَمَن عَلَى قِنْطَار دِين.

وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ أَصْله أَنَّ الْوُلَاة الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ لَمَّا فَسَدَتْ أَدْيَانهمْ وَلَمْ يُمْكِن تَرْك الصَّلَاة وَرَاءَهُمْ , وَلَا اُسْتُطِيعَتْ إِزَالَتهمْ صُلِّيَ مَعَهُمْ وَوَرَاءَهُمْ , كَمَا قَالَ عُثْمَان: الصَّلَاة أَحْسَن مَا يَفْعَل النَّاس , فَإِذَا أَحْسَنُوا فَأَحْسِنْ , وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتهمْ.
ثُمَّ كَانَ مِنْ النَّاس مَنْ إِذَا صَلَّى مَعَهُمْ تَقِيَّة أَعَادُوا الصَّلَاة لِلَّهِ


جواز التقية مع ولاة الأمر

وقال القرطبي في تفسيره ج 5 ص 315
إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً، إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا فِي سُلْطَانِهِمْ، فَتَخَافُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَتُظْهِرُوا لَهُمُ الْوَلاَيَةَ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَتُضْمِرُوا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ، وَلا تُشَايِعُوهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَلاَ تُعِينُوهُمْ عَلَى مُسْلِمٍ بِفِعْلٍ.


عطاء يستخدم التقية خوفاً على نفسه

فتح الباري ابن حجر ج 2 ص 291
فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ وَأَمِيرَهُ الْوَلِيدَ وَغَيْرَهُمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَخَّرَ الْوَلِيدُ الْجُمُعَةَ حَتَّى أَمْسَى ” فَجِئْتُ فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ أَجْلِسَ ثُمَّ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ وَأَنَا جَالِسٌ إِيمَاءً وَهُوَ يَخْطُبُ. وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَطَاءٌ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْقَتْلِ. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي جُحَيْفَةَ فَمَسَّى الْحَجَّاجُ بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ أَبُو جُحَيْفَةَ فَصَلَّى.


أبو هريرة يستخدم التقية مع ولاة الأمر

فتح الباري ج 1 ص 377
وقال ابن حجر في فتح الباري وَحَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْوِعَاءَ الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَبْيِينُ أَسَامِي أُمَرَاءِ السُّوءِ وَأَحْوَالِهِمْ وَزَمَنِهِمْ، وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَكُنِّي عَنْ بَعْضِهِ وَلَا يُصَرِّحُ بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ،


الْشَّافِعِيَّ جَوَّزَ الْتَّقِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ كَمَا جَوَّزَهَا بَيْنَ الْكَافِرِ مُحَامَاةً عَلَىَ الْنَّفْسِ

تفسير النيسابوري نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان – 1416 هـ – 1996 م ج 2 ص 140
وَمِنْهَا أَنَّ الْشَّافِعِيَّ جَوَّزَ الْتَّقِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ كَمَا جَوَّزَهَا بَيْنَ الْكَافِرِ مُحَامَاةً عَلَىَ الْنَّفْسِ. وَمِنْهَا أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِصَوْنِ الْمَالَ عَلَىَ الْأَصَحِّ كَمَا أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِصَوْنِ الْنَّفْسَ لِقَوْلِهِ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُرْمَةً مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ» وَ «مِنَ قُتِلَ دُوْنَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيْدٌ» وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَىَ الْمَالِ شَدِيْدَةٍ وَلِهَذَا يَسْقُطُ فَرْضِ الْوُضُوْءِ وَيَجُوْزُ الِاقْتِصَارُ عَلَىَ التَّيَمُّمِ إِذَا بِيَعَ الْمَاءِ بِالْغَبْنِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ هَذَا فِيْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ لِضَعْفِ الْمُؤْمِنِيْنَ. وَرَوَّىْ عَوْفٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْتَّقِيَّةِ جَائِزَةً إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَهَذَا أَرْجَحُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ.


 إبن عباس يستخدم التقية ولا يصرح أن معاوية حمار

[شرح معاني الآثار] تأليف أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321 هـ)
حققه وقدم له: (محمد زهري النجار – محمد سيد جاد الحق) من علماء الأزهر الشريف راجعه ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: د يوسف عبد الرحمن المرعشلي – الباحث بمركز خدمة السنة بالمدينة النبوية عالم الكتب ج 1 ص 289
1719 – أَنَّ أَبَا غَسَّانَ مَالِكَ بْنَ يَحْيَى الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ , قَالَ: أنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ نَتَحَدَّثُ حَتَّى ذَهَبَ هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ , فَقَامَ مُعَاوِيَةُ , فَرَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ” مِنْ أَيْنَ تُرَى أَخَذَهَا الْحِمَارُ “

1720 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلِ الْحِمَارُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ” أَصَابَ مُعَاوِيَةُ ” عَلَى التَّقِيَّةِ لَهُ , أَيْ أَصَابَ فِي شَيْءٍ آخَرَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِهِ , وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مَا خَالَفَ فِعْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَدْ عَلِمَهُ عَنْهُ صَوَابًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْوِتْرِ أَنَّهُ ثَلَاثٌ


الصلاة خلف الحكام تقية

تفسير القرطبي ج 5 ص 259
و وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ: وَأَمَّا طَاعَةُ السُّلْطَانِ فَتَجِبُ فِيمَا كَانَ لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ، وَلَا تَجِبُ فِيمَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ؛ وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ وُلَاةَ زَمَانِنَا لَا تَجُوزُ طَاعَتُهُمْ وَلَا مُعَاوَنَتُهُمْ وَلَا تَعْظِيمُهُمْ، وَيَجِبُ الْغَزْوُ مَعَهُمْ مَتَى غَزَوْا، وَالْحُكْمُ مِنْ قِبَلِهِمْ، وَتَوْلِيَةُ الْإِمَامَةِ وَالْحِسْبَةِ؛ وَإِقَامَةُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الشَّرِيعَةِ
وَإِنْ صَلَّوْا بِنَا وَكَانُوا فَسَقَةً مِنْ جِهَةِ الْمَعَاصِي جَازَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُبْتَدِعَةً لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ إِلَّا أَنْ يُخَافُوا فَيُصَلَّى مَعَهُمْ تَقِيَّةً وَتُعَادُ الصَّلَاةُ.


الفراء صلي خلف الفاسق تقية ثم اعدها

الْمَسَائِل الفقهية لَابي يُعْلَى الْفَرَّاء ثُلَاث مجلدات ج 1 ص 172
إِمَامَة الْفَاسِق: 101 مَسْأَلَة: وَاخْتَلَفَت فِي إِمَامَة الْفَاسِق هَل تَصِحّ أُمّ لَا؟ فَنُقِل أبُو الحَارِث عَنْهُُ: لَا يَصْلَى خَلَّف الْفَاجِر ولَا خَلَّف مُبْتَدَع ولَا فَاسْق إلَا أَنّ يخافهم فِيصلي وَيُعِيد


أَبُو مَعْمَرٍ الهُذَلِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ  الهُذَلِيُّ، الهَرَوِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، القَطِيْعِيُّ. يستخدم التقية

سير اعلام النبلاء
27 – أَبُو مَعْمَرٍ الهُذَلِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (خ، م، د) الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثَّبْتُ، أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَعْمَرِ بنِ الحَسَنِ الهُذَلِيُّ، الهَرَوِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، القَطِيْعِيُّ.
كَانَ يَنْزِلُ القَطِيْعَةَ. وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.  وَحَدَّثَ: البُخَارِيُّ أَيْضاً، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
ذَكَرَهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي (طَبَقَاتِهِ)، فَقَالَ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ. قَالَ عُبَيْدُ بنُ شَرِيْكٍ البَزَّارُ: كَانَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ مِنْ شِدَّةِ إِدْلاَلِهِ بِالسُّنَّةِ يَقُوْلُ: لَوْ تَكَلَّمَتْ بَغْلَتِي، لَقَالَتْ: إِنَّهَا سُنِّيَّةٌ.
قَالَ: فَأُخِذَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ، فَأَجَابَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: كَفَرنَا وَخَرَجْنَا.
وَرَوَى: سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ:
كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ أَبِي مَعْمَرٍ، وَلاَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ امْتُحِنِ فَأَجَابَ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيَّ يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لاَ يَتَكَلَّمُ، وَلاَ يَسْمَعُ، وَلاَ يُبْصِرُ، وَلاَ يَرْضَى، وَلاَ يَغْضَبُ، فَهُوَ كَافِرٌ، إِنْ رَأَيتُمُوهُ وَاقِفاً عَلَى بِئْرٍ، فَأَلْقُوْهُ فِيْهَا، بِهَذَا أَدِيْنُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَعَنْ أَبِي مَعْمَرٍ القَطِيْعِيِّ، قَالَ: آخِرُ كَلاَمِ الجَهْمِيَّةِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ.
قُلْتُ: بَلْ قَوْلُهُم: إِنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي السَّمَاءِ وَفِي الأَرْضِ، لاَ امْتِيَازَ لِلسَّمَاءِ. وَقَوْلُ عُمُومِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ، يُطلِقُوْنَ ذَلِكَ وِفقَ مَا جَاءتِ النُّصُوْصُ بإِطْلاَقِهِ، وَلاَ يَخُوضُونَ فِي تَأْوِيْلاَتِ المُتَكَلِّمِيْنَ، مَعَ جَزْمِ الكُلِّ بَأَنَّهُ -تَعَالَى-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّوْرَى: 11].  مَاتَ أَبُو مَعْمَرٍ: فِي مُنْتَصَفِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.


عبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر التمار يستخدم التقية

تاريخ بغداد
5531 – عبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر التمار  وكان من أهل نسا، فسكن بغداد إلى حين وفاته.
وكان عابدا زاهدا يعد في الأبدال.

(3514) -[12: 170] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَلَدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْهَيْثَمِ التَّمَّارُ، قَالا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ الْمَعْمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو نَصْرٍ وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ مِائَةَ مَرَّةٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ ” قلت: وكان أبو نصر ممن امتحن في أمر القرآن فأجاب.

ثانيًاً – ميزان الاعتدال – الذهبي
5225 – [صح] عبدالملك بن عبد العزيز [م، س] أبو نصر التمار.
وثقه النسائي، وأبو داود، وغيرهما، وكان ممن امتحن في خلق القرآن، فأجاب وخاف، فقال سعيد بن عمرو: سمعت أبا زرعة يقول: كان أحمد بن حنبل
لا يرى الكتابة عن أبى نصر التمار، ولا يحيى بن معين، ولا أحد ممن امتحن فأجاب.
قلت: هذا تشديد ومبالغة، والقوم معذورون، تركوا الافضل، فكان ماذا.
توفى التمار في أول يوم من سنة ثمان وعشرين ومائتين، وكان من العباد الثقات.

سير اعلام النبلاء (11/ 57)
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ إِلاَّ مُرتَدٌّ. فَقَالَ: مَا هُوَ بِمُرْتَدٍّ، هُوَ علَى إِسْلاَمهِ، رَجُلٌ خَافَ، فَقَالَ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَفِّرَ الجَهْمِيَّةَ، وَكُنْتُ أَنَا أَوَّلاً لاَ أُكَفِّرُهُمْ؟
فَلَمَّا أَجَابَ عَلِيٌّ إِلَى المِحْنَةِ، كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُذَكِّرُهُ مَا قَالَ لِي، وَأُذَكِّرُهُ اللهَ.
فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْهُ: أَنَّه بَكَى حِيْنَ قَرَأَ كِتَابِي.
ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدُ، فَقَالَ لِي: مَا فِي قَلْبِيَ مِمَّا قُلْتُ، وَأَجَبتُ إِلَى شَيْءٍ، وَلَكِنِّي خِفتُ أَنْ أُقْتَلَ، وَتَعْلَمُ ضَعْفِيَ أَنِّي لَوْ ضُرِبتُ سَوْطاً وَاحِداً لَمِتُّ، أَوْ نَحْوَ هَذَا.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: وَدَفَعَ عَنِّي عَلِيٌّ امْتِحَانَ ابْنِ أَبِي دُوَادَ إِيَّايَ، شَفَعَ فِيَّ، وَدَفَعَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ المَوْصِلِ مِنْ أَجْلِي، فَمَا أَجَابَ دِيَانَةً إِلاَّ خَوْفاً.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أَجْلِ مَا بَدَا مِنْهُ فِي المِحْنَةِ، وَكَانَ وَالِدِي يَرْوِي عَنْهُ؛ لِنُزُوْعِهِ عَمَّا كَانَ مِنْهُ.


يَحْيَى بنُ مَعِيْنِ يستخدم التقية

سير اعلام النبلاء (11/ 73)
وَكَانَ يَحْيَى -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، فَخَافَ مِنْ سَطْوَةِ الدَّوْلَةِ، وَأَجَابَ تَقِيَّةً.

سير اعلام النبلاء (11/ 73)
28 – يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَبُو زَكَرِيَّا المُرِّيُّ مَوْلاَهُم (خ، م، د)
هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجِهْبَذُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنِ بنِ عَوْنِ بنِ زِيَادِ بنِ بِسْطَامَ.
وَقِيْلَ: اسْمُ جَدِّهِ: غِيَاثُ بنُ زِيَادِ بنِ عَوْنِ بنِ بِسْطَامَ الغَطَفَانِيُّ، ثُمَّ المُرِّيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ امْتُحِنَ فَأَجَابَ.
قُلْتُ: هَذَا أَمرٌ ضَيِّقٌ، وَلاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ، بَلْ وَلاَ عَلَى مَنْ أُكرِهَ عَلَى صَرِيحِ الكُفْرِ عَمَلاً بِالآيَةِ – وَهَذَا هُوَ الحَقُّ


عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ يستخدم التقية

سير اعلام النبلاء للذهبي ج 11 ص 57
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ إِلاَّ مُرتَدٌّ.
فَقَالَ: مَا هُوَ بِمُرْتَدٍّ، هُوَ علَى إِسْلاَمهِ، رَجُلٌ خَافَ، فَقَالَ. قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَفِّرَ الجَهْمِيَّةَ، وَكُنْتُ أَنَا أَوَّلاً لاَ أُكَفِّرُهُمْ؟ فَلَمَّا أَجَابَ عَلِيٌّ إِلَى المِحْنَةِ، كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُذَكِّرُهُ مَا قَالَ لِي، وَأُذَكِّرُهُ اللهَ.
فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْهُ: أَنَّه بَكَى حِيْنَ قَرَأَ كِتَابِي. ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدُ، فَقَالَ لِي: مَا فِي قَلْبِيَ مِمَّا قُلْتُ، وَأَجَبتُ إِلَى شَيْءٍ، وَلَكِنِّي خِفتُ أَنْ أُقْتَلَ، وَتَعْلَمُ ضَعْفِيَ أَنِّي لَوْ ضُرِبتُ سَوْطاً وَاحِداً لَمِتُّ، أَوْ نَحْوَ هَذَا.


الحافظ أَبُو مَعْمَرٍ الهُذَلِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ  القَطِيْعِيُّ. كفر تقيةً

سير اعلام النبلاء (11/ 70)
27 – أَبُو مَعْمَرٍ الهُذَلِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (خ، م، د)
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثَّبْتُ، أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَعْمَرِ بنِ الحَسَنِ الهُذَلِيُّ، الهَرَوِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، القَطِيْعِيُّ.
كَانَ يَنْزِلُ القَطِيْعَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ عُبَيْدُ بنُ شَرِيْكٍ البَزَّارُ: كَانَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ مِنْ شِدَّةِ إِدْلاَلِهِ بِالسُّنَّةِ يَقُوْلُ: لَوْ تَكَلَّمَتْ بَغْلَتِي، لَقَالَتْ: إِنَّهَا سُنِّيَّةٌ.
قَالَ: فَأُخِذَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ، فَأَجَابَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: كَفَرنَا وَخَرَجْنَا.


جواز السجود لغير الله والكفر وشرب الخمر تقية

مجموع الفتاوى ابن تيمية ج 1 ص 372
سُئِلَ – رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَمَّنْ يَبُوسُ الْأَرْضَ دَائِمًا هَلْ يَأْثَمُ؟ وَعَمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِسَبَبِ أَخْذِ رِزْقٍ وَهُوَ مُكْرَهٌ كَذَلِكَ؟ فَأَجَابَ: أَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ وَرَفْعُ الرَّأْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ السُّجُودُ مِمَّا يُفْعَلُ قُدَّامَ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَبَعْضِ الْمُلُوكِ: فَلَا يَجُوزُ؛ بَلْ لَا يَجُوزُ الِانْحِنَاءُ كَالرُّكُوعِ أَيْضًا كَمَا {قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا} {وَلَمَّا رَجَعَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتهمْ فِي الشَّامِ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَيَذْكُرُونَ ذَلِكَ عَنْ أَنْبِيَائِهِمْ. فَقَالَ: كَذَبُوا عَلَيْهِمْ لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ أَجْلِ حَقِّهِ عَلَيْهَا يَا مُعَاذُ إنَّهُ لَا يَنْبَغِي السُّجُودُ إلَّا لِلَّهِ}.

وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ تَدَيُّنًا وَتَقَرُّبًا فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ وَمَنْ اعْتَقَدَ مِثْلَ هَذَا قُرْبَةً وَتَدَيُّنًا فَهُوَ ضَالٌّ مُفْتَرٍ بَلْ يُبَيَّنُ لَهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدِينِ وَلَا قُرْبَةٍ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.

وَأَمَّا إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَأَفْضَى إلَى ضَرْبِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ أَوْ قَطْعِ رِزْقِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ يُبِيحُ الْفِعْلَ الْمُحَرَّمَ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ؛ وَلَكِنْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكْرَهَهُ بِقَلْبِهِ وَيَحْرِصَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ الصِّدْقَ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ يُعَافَى بِبَرَكَةِ صِدْقِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِذَلِكَ.

وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُبِيحُ إلَّا الْأَقْوَالَ دُونَ الْأَفْعَالِ: وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَنَحْوِهِ قَالُوا إنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ. وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ فُضُولِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ فَلَا وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى مَثَلِ ذَلِكَ وَنَوَى بِقَلْبِهِ أَنَّ هَذَا الْخُضُوعَ لِلَّهِ تَعَالَى: كَانَ حَسَنًا مِثْلَ أَنْ يَكْرَهَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَيَنْوِيَ مَعْنًى جَائِزًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


إبْنَ تَيمِيَّةَ يُبِيحُ السُّجُودَ لِلأَوثانِ تَقِيَّةً 

[مَجموعُ الفَتاوى 14: 120]. وفي هَذا الجانبِ قالَ ٱبْنُ تَيمِيَّةَ في “مَجمُوعِ الفَتاوى”: (فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ سَجَدَ قُدَّامَ وَثَنٍ وَلَمْ يَقصِدْ بِقَلبِهِ السُّجُودَ لَهُ بَلْ قَصَدَ السُّجُودَ لِلَّهِ بِقَلبِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفراً وَقَدْ يُبَاحُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بَينَ مُشرِكِينَ يَخَافُهُمْ عَلَى نَفسِهِ فَيُوَافِقُهُم فِي الفِعلِ الظَّاهِرِ وَيَقصِدُ بِقَلبِهِ السُّجُودَ لِلَّهِ كَمَا ذُكِرَ أَنَّ بَعضَ عُلَمَاءِ الـمُسلِمِينَ وَعُلَمَاءِ أَهلِ الْكِتَابِ فَعَلَ نَحوَ ذَلِكَ مَعَ قَومٍ مِنَ الـمُشرِكِينَ حَتَّى دَعَاهُم إلَى الإِسلَامِ فَأَسلَمُوا عَلَى يَدَيهِ وَلَمْ يُظْهِرْ مُنَافَرَتَهُم فِي أَوَّلِ الأَمرِ).


النبي يَسْتَخْفي ببعضِ ما يُؤْمَرُ به

المسائل والأجوبة في الحديث والتفسير المؤلف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213 – 276 هـ)
المحقق: مروان العطية – محسن خرابة دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع 222

75 – سألتَ عن قولِ اللهِ جل وعزَّ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}  وقلت ليس في هذا الكلام فائدةٌ وإنَّما هو بمنزلةِ قولِكَ في الكلام: يا فلانُ كُلْ هذا الطعامَ وإنْ لم تفعلْ فما أكلْتَهُ؟ .
والذي عندي في هذا أن فيه مُضْمَرًا يبينه ما بعده، وهو أن رسولَ الله كان يَتَوَقَّى بعضَ التَّوَقِّي، ويَسْتَخْفي ببعضِ ما يُؤْمَرُ به على نحوِ ما كان عليه قبلَ الهجرة، فلمّا فَتَحَ الله عليه مَكَّةَ، وأفْشَى الإسلامُ أَمرَهُ أن يُبَلَّغَ ما أُرْسِلَ به مُجاهرًا بِهِ غيرَ مُتَوَقٍ ولا هائبٍ ولا مُتَألِّفٍ. وقيل له: إِنْ أنتَ لم تفعَلْ ذلك على هذا الوَجْهِ لم تكنْ مُبَلِّغًا لرَسالاتِ ربِّكَ. ويَشْهَدُ لِهذا قولُهُ بَعْدُ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}  أي يَمْنَعُكَ منهُمْ. ومثلُ هذه الآيةِ قَوْلُهُ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} .


جواز الكذب

زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت ج 3 ص 310

جَوَازُ كَذِبِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ ضَرَرَ ذَلِكَ الْغَيْرِ إِذَا كَانَ يَتَوَصَّلُ بِالْكَذِبِ إِلَى حَقِّهِ، كَمَا كَذَبَ الحجاج بن علاط عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ لَحِقَتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ الْكَذِبِ، وَأَمَّا مَا نَالَ مَنْ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَذَى وَالْحُزْنِ فَمَفْسَدَةٌ يَسِيرَةٌ فِي جَنْبِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي حَصَلَتْ بِالْكَذِبِ، وَلَا سِيَّمَا تَكْمِيلُ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَزِيَادَةُ الْإِيمَانِ الَّذِي حَصَلَ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ بَعْدَ هَذَا الْكَذِبِ، فَكَانَ الْكَذِبُ سَبَبًا فِي حُصُولِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِمَامُ وَالْحَاكِمُ يُوهِمُ الْخَصْمَ خِلَافَ الْحَقِّ؛ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى اسْتِعْلَامِ الْحَقِّ، كَمَا ( «أَوْهَمَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِشَقِّ الْوَلَدِ نِصْفَيْنِ حَتَّى تَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْأُمِّ» )


تفسير القرطبي في تفسير قوله  تَعَالَى : مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بعد أن أورد قصة عمار بن ياسر رضوان الله عليه  في استخدام التقية ذكر المورد التالي

الرُّخْصَةُ فِيمَنْ حَلَّفَهُ سُلْطَانٌ ظَالِمٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ مَالِ رَجُلٍ ; فَقَالَ الْحَسَنُ : إِذَا خَافَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَالِهِ فَلْيَحْلِفْ وَلَا يُكَفِّرْ يَمِينَهُ ; وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ إِذَا حَلَفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِ نَفْسِهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا . وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنِ أَشْرَسَ صَاحِبَ مَالِكٍ اسْتَحْلَفَهُ السُّلْطَانُ بِتُونُسَ عَلَى رَجُلٍ أَرَادَ السُّلْطَانُ قَتْلَهُ أَنَّهُ مَا آوَاهُ ، وَلَا يَعْلَمُ لَهُ مَوْضِعًا ; قَالَ : فَحَلَفَ لَهُ ابْنُ أَشْرَسَ ; وَابْنُ أَشْرَسَ يَوْمئِذٍ قَدْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَآوَاهُ ، فَحَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا ، فَحَلَفَ لَهُ ابْنُ أَشْرَسَ ، ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : اعْتَزِلِي فَاعْتَزَلَتْهُ ; ثُمَّ رَكِبَ ابْنُ أَشْرَسَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ الْقَيْرَوَانَ ، فَأَخْبَرَهُ بِالْخَبَرِ ; فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ : قَالَ مَالِكٌ إِنَّكَ حَانِثٌ . فَقَالَ ابْنُ أَشْرَسَ : وَأَنَا سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ الرُّخْصَةَ أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ ; فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ : قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْكَ . قَالَ : فَرَجَعَ ابْنُ أَشْرَسَ إِلَى زَوْجَتِهِ وَأَخَذَ بِقَوْلِ الْحَسَنِ . وَذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْبَدٌ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الرَّجُلِ يُؤْخَذُ بِالرَّجُلِ ، هَلْ تَرَى أَنْ يَحْلِفَ لِيَقِيَهُ بِيَمِينِهِ ؟ فَقَالَ نَعَمْ ; وَلَأَنْ أَحْلِفَ سَبْعِينَ يَمِينًا وَأَحْنَثَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَدُلَّ عَلَى مُسْلِمٍ . وَقَالَ إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَأْمُرُ جَوَاسِيسَ يَتَجَسَّسُونَ الْخَلْقَ يَأْتُونَهُ بِالْأَخْبَارِ ، قَالَ : فَجَلَسَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِي حَلْقَةِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ فَسَمِعَ بَعْضَهُمْ يَقَعُ فِي الْوَلِيدِ ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا رَجَاءُ ! أُذْكَرْ بِالسُّوءِ فِي مَجْلِسِكَ وَلَمْ تُغَيِّرْ ! فَقَالَ : مَا كَانَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; فَقَالَ لَهُ الْوَلِيدُ : قُلْ آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، قَالَ : آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، فَأَمَرَ الْوَلِيدُ بِالْجَاسُوسِ فَضَرَبَهُ سَبْعِينَ سَوْطًا ، فَكَانَ يَلْقَى رَجَاءً فَيَقُولُ : يَا رَجَاءُ ، بِكَ يُسْتَقَى الْمَطَرُ ، وَسَبْعُونَ سَوْطًا فِي ظَهْرِي ! فَيَقُولُ رَجَاءٌ : سَبْعُونَ سَوْطًا فِي ظَهْرِكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ .

. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا كَلَامٌ يَدْرَأُ عَنِّي سَوْطَيْنِ إِلَّا كُنْتُ مُتَكَلِّمًا بِهِ . وَقَالَ الْحَسَنُ : التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِلْمُؤْمِنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – لَيْسَ يَجْعَلُ فِي الْقَتْلِ تَقِيَّةً .


يُعِيدُ الصلاة سِرًّا فِي نَفْسِهِ 

أحكام القرآن المؤلف: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر بن العربي المعافري الاشبيلي المالكي (المتوفى: 543هـ)
راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا
ج 4 ص 174 المسألة الثَّالِثَةُ : وَمِنْ الْعَجَبِ أَنْ يُجَوِّزَ الشَّافِعِيُّ وَنُظَرَاؤُهُ إمَامَةَ الْفَاسِقِ وَمَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى حَبَّةِ مَالٍ كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُؤْتَمَنَ عَلَى قِنْطَارِ دِينٍ؛ وَهَذَا إنَّمَا كَانَ أَصْلُهُ أَنَّ الْوُلَاةَ [الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ]4 لَمَّا فَسَدَتْ أَدْيَانُهُمْ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَرَاءَهُمْ، وَلَا اُسْتُطِيعَتْ إزَالَتُهُمْ صَلَّى مَعَهُمْ وَوَرَاءَهُمْ، كَمَا قَالَ عُثْمَانُ: الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَفْعَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنُوا فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ؛ ثُمَّ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ إذَا صَلَّى مَعَهُمْ تَقِيَّةٌ أَعَادُوا الصَّلَاةَ لِلَّهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَجْعَلُهَا صَلَاتَهُ. وَبِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ أَقُولُ؛ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ لَا يَرْضَى مِنَ الأَئِمَّةِ، وَلَكِنْ يُعِيدُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ، وَلَا يُؤْثَرُ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ.


 أَبُو هُرَيْرَةَ  خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الْفِتْنَةَ أَوِ الْقَتْلَ

 الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671 هـ) ج2 ص 186

قَالَ عُلَمَاؤُنَا : وَهَذَا الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الْفِتْنَةَ أَوِ الْقَتْلَ إِنَّمَا هُوَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْفِتَنِ وَالنَّصِّ عَلَى أَعْيَانِ الْمُرْتَدِّينَ وَالْمُنَافِقِينَ ، وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .


الصلاة خلف أهل البدع  تقية

التنبيه على مبادئ التوجيه – قسم العبادات المؤلف: أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي (ت بعد 536هـ) المحقق: الدكتور محمد بلحسان  دار ابن حزم، بيروت – لبنان ج 1 ص 444

وفي الكتاب: في الإمام القدري أنه لا يصلى خلفه. قال: ولا الجمعة إن استيقنت ذلك ، وإن كنت تتقيه وتخافه على نفسك فصلها معه  وتعيدها ظهراً أربعاً. وعقب المسألة قول ابن القاسم: ورأيت مالكاً إذا قيل له في إعادة الصلاة خلف أهل البدع يقف ولم يجب في ذلك . وهذا كأنه مناقض للأول لأنه أجاب أولاً بإعادته ظهراً، ووقف بعد ذلك. وقد قال الأشياخ: إنما أعاد الأولى لأنه دخل على الصلاة تقية  فهو كالمصلي بنية الإعادة، فتجب عليه.


يصلون سراً تقية

شرح النووي بَاب الِاسْتِسْرَارِ بِالْإِيمَانِ لِلْخَائِفِ

149 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإِسْلَامَ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ عَلَيْنَا  وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةٍ إِلَى السَّبْعِ مِائَةٍ قَالَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا قَالَ فَابْتُلِيَنَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا

وَأَمَّا قَوْلُهُ ابْتُلِينَا فَجَعَلَ الرَّجُلُ لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي بَعْضِ الْفِتَنِ الَّتِي جَرَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُخْفِي نَفْسَهُ وَيُصَلِّي سِرًّا مَخَافَةً مِنَ الظُّهُورِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي الدُّخُولِ فِي الْفِتْنَةِ وَالْحُرُوبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ


مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى