فتح الباري
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ رُمَّانَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِيَزِيدَ قَدْ وَطَّاتُ لَكَ الْبِلَادَ وَمَهَّدْتُ لَكَ النَّاسَ وَلَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكَ إِلَّا أَهْلَ الْحِجَازِ، فَإِنْ رَابَكَ مِنْهُمْ رَيْبٌ فَوَجِّهْ إِلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُهُ وَعَرَفْتُ نَصِيحَتَهُ، قَالَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ خِلَافِهِمْ عَلَيْهِ مَا كَانَ دَعَاهُ فَوَجَّهَهُ فَأَبَاحَهَا ثَلَاثًا. ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى بَيْعَةِ يَزِيدَ وَأَنَّهُمْ أَعْبُدٌ لَهُ قِنٌّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَمَعْصِيَتِهِ. وَمِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ أَظْهَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْخِلَافَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَوَجَّهَ يَزِيدُ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ فِي جَيْشِ أَهْلِ الشَّامِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَسِيرَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، قَالَ فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ وَبِهَا بَقَايَا مِنَ الصَّحَابَةِ فَأَسْرَفَ فِي الْقَتْلِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مَكَّةَ فَمَاتَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ. وَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ تَاوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَاسِ سِتِّينَ سَنَةً {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا} (1) يَعْنِي إِدْخَالَ بَنِي حَارِثَةَ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي وَقْعَةِ الْحَرَّةِ.