بداية القصة لما رَجَعَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله ـ قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَكَرَ بِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَتَآمَرُوا أَنْ يَطْرَحُوهُ مِنْ عَقَبَةٍ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْعَقَبَةَ أَرَادُوا أَنْ يَسْلُكُوهَا مَعَهُ، فَلَمَّا غَشِيَهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أُخْبِرَ خَبَرَهُمْ فَقَالَ: ” مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ وَهَذَا السِّيَاقُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ رَوَى الْقِصَّةَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي سِيرَتِهِ، وَذَكَرَ أَسْمَاءَ أُولَئِكَ الرَّهْطِ بِمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ بَعْضَهُ، وَالصَّحِيحُ فِي عَدَدِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ اللَّذَيْنِ كَانَا مَعَ رَاحِلَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْعَقَبَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَهُمَا بِأَسْمَائِهِمْ وَأَمْرَهُمَا بِكِتْمَانِهَا فَقَدْ رَوَى فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قُلْنَا لِعَمَّارٍ: أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ؟ أَوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً. وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ” إِنَّ فِي أُمَّتِي ” – قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ، وَقَالَ غُنْدَرٌ: أَرَاهُ قَالَ: فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ
الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ. سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ.
345 – / 411 – وَفِي الحَدِيث الْخَامِس: كَانَ بَين رجل من أهل الْعقبَة وَبَين حُذَيْفَة بعض مَا يكون بَين النَّاس، فَقَالَ: أنْشدك الله، كم كَانَ أَصْحَاب الْعقبَة؟ قَالَ: فَقَالَ الْقَوْم: أخبرهُ إِذْ سَأَلَك. فَقَالَ: كُنَّا نخبر أَنهم أَرْبَعَة عشر، فَإِن كنت مِنْهُم فقد كَانَ الْقَوْم خَمْسَة عشر، وَأشْهد أَن اثْنَي عشر مِنْهُم حَرْب لله وَلِرَسُولِهِ فِي الدُّنْيَا وَيَوْم يقوم الأشهاد، وَعذر ثَلَاثَة قَالُوا: مَا سمعنَا مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا علمنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْم، وَقد كَانَ فِي حرَّة فَمشى فَقَالَ: ” إِن المَاء قَلِيل، فَلَا يسبقني إِلَيْهِ أحد ” فَوجدَ قوما قد سَبَقُوهُ فلعنهم.هَذَا الحَدِيث يشكل على المبتدئين؛ لِأَن أهل الْعقبَة إِذا أطْلقُوا فَإِنَّمَا يشار بهم إِلَى الْأَنْصَار الْمُبَايِعين لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا من ذَاك، وَإِنَّمَا هَذِه عقبَة فِي طَرِيق تَبُوك، وقف فِيهَا قوم من الْمُنَافِقين ليفتكوا بِهِ:
أخبرنَا هبة الله بن الْحصين قَالَ: أخبرنَا أَبُو عَليّ بن الْمَذْهَب قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن جَعْفَر قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد قَالَ: حَدثنَا أبي قَالَ: حَدثنَا يزِيد قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْوَلِيد – يَعْنِي ابْن عبد الله بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: لما أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة تَبُوك أَمر مناديا فَنَادَى: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخذ الْعقبَة فَلَا يَأْخُذهَا أحد. فَبَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُودهُ حُذَيْفَة ويسوقه عمار إِذْ أقبل رَهْط مُتَلَثِّمُونَ على الرَّوَاحِل غشوا عمارا وَهُوَ يَسُوق برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَقْبل عمار يضْرب وُجُوه الرَّوَاحِل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحُذَيْفَة: ” قد، قد ” حَتَّى هَبَط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا هَبَط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل، وَرجع عمار، فَقَالَ: ” يَا عمار، هَل عرفت الْقَوْم ” فَقَالَ: قد عرفت عَامَّة الرَّوَاحِل، وَالْقَوْم مُتَلَثِّمُونَ. قَالَ: ” هَل تَدْرِي مَا أَرَادوا؟ ” قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: ” أَرَادوا أَن ينفروا برَسُول الله فَيَطْرَحُوهُ “.
قَالَ أَبُو الْوَلِيد: وَذكر أَبُو الطُّفَيْل فِي تِلْكَ الْغَزْوَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للنَّاس – وَذكر لَهُ أَن فِي المَاء قلَّة – فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مناديا فَنَادَى أَن لَا يرد المَاء أحد قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فورده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ قوما قد وردوه قبله، فلعنهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ
4983 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قُلْتُ لِعَمَّارٍ
أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أَخْبَرَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ { لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ وَأَرْبَعَةٌ
لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ
4984 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ قُلْنَا لِعَمَّارٍ أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ أَوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله فَقَالَ مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و وَآله قَالَ إِنَّ فِي أُمَّتِي قَالَ شُعْبَةُ وَأَحْسِبُهُ قَالَ حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ وَقَالَ غُنْدَرٌ أُرَاهُ قَالَ فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا
{ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ } وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا { حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ سِرَاجٌ مِنْ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ
4985 – حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ قَالَ كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ وَعَذَرَ ثَلَاثَةً قَالُوا مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى فَقَالَ إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ
قَوْلُهُ: (كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاَللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ، قَالَ: كُنَّا نُخْبِرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) وَهَذِهِ الْعَقَبَةُ لَيْسَتِ الْعَقَبَةُ الْمَشْهُورَةُ بِمِنًى الَّتِي كَانَتْ بِهَا بَيْعَةُ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا هَذِهِ عَقَبَةٌ عَلَى طَرِيقِ تَبُوكَ، اجْتَمَعَ الْمُنَافِقُونَ فِيهَا لِلْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَعَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ.
أسماء المنافقين الأربعة عشر
تفسير المنار
وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ، وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بَكَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ مُعْتِبُ بْنُ بَشِيرٍ، وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَجَدُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَبْتَلَ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الطَّائِيُّ، وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ، وَالْحَارِثُ بْنُ سُوِيدٍ وَسَعْدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَقَيْسُ بْنُ فَهْدٍ، وَسُوِيدٌ وَدَاعِسٌ مِنْ بَنِي الْحُبْلَى، وَقَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللَّصِيتِ، وَسُلَالَةُ بْنُ الْحُمَامِ، وَهُمَا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ انْتَهَى مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ عَدَدَهُمْ وَأَسْمَاءَهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ لِخُلَفَائِهِمْ مِنْ مُنَافِقِي الرَّوَافِضِ سَبِيلٌ إِلَى تَضْلِيلِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ، بِمَا اعْتَادُوا مِنَ الطَّعْنِ فِي خَيْرِ أَصْحَابِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ.
وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ نَقِمَ مِنْهُ الشَّيْءُ: أَنْكَرَهُ
الوليد بن جميع
قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات الا الوليد بن أبى جميع فانه صدوق يهم. وقد تابعه أبو نعيم عن أبى الطفيل وبذالك ترجح صحة الاسناد واما أبو نعيم فهو الفضل بن دكين، الكوفى، واسم دكين، عمرو بن حماد بن زهير، التيمي مولاهم، الاحول، أبو نعيم الملائي، بضم الميم، مشهور بكنيته، ثقة ثبت من التاسعة، مات 218. وقيل تسع عشرة، وكان مولده سنة 130 وهو من كبار شيوخ البخارى/ ع انظر التقريب (110/ 2).
والحديث أخرجه أيضا البيهقي فى السنن الكبري (33/ 9) بهذا الاسناد. وقد اخرجه مسلم أيضا فى صحيحه فى كتاب المنافقين (122/ 8) واورده السيوطى فى الخصائص الكبري (115/ 2) وصاحب اعلام النبوة ص 71.
الشيخ عبد المحسن عبد الله الزامل يقول
منهم حصين بن نمير وانه تاب وترجمة لنا الحافظ أنه من الصحابة
عَبدِ اللهِ لَأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ قُتِلَ قَتْلًا
مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة ج6 ص 418
3873 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبدِ اللهِ، قَالَ: ” لَأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ قَتْلًا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ جَعَلَهُ نَبِيًّا، وَاتَّخَذَهُ شَهِيدًا ” قَالَ الْأَعْمَشُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: ” كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْيَهُودَ سَمُّوهُ وَأَبَا بَكْرٍ ” (3) (3) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (3617) . سفيان: هو الثوري. وأورده الهيثمي في “المجمع” 9/34، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وسيأتي برقم (4139) .
منة المنعم في شرح صحيح مسلم المؤلف: أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رحمه الله (206 – 261 هـ) الشارح: فضيلة الشيخ/ صفي الرحمن المباركفوري حفظه الله الناشر: دار السلام للنشر والتوزيع، الرياض – المملكة العربية السعودية ج4 ص 293
قوله: (هذا الذي صنعتم في أمر علي) من بيعتكم له بالخلافة، واستعدادكم لقتال من طالبه بدم عثمان من أصحاب البصرة والشام، وهم أصحاب الجمل وصفين، هل هو رأي. أو نص؟ ، وحاصل جواب عمار أنه كان يظن أن هؤلاء المنافقين الاثنى عشر هم قواد أهل البصرة والشام، وكان هذا من أقبح سوء الظن من عمار، غفر الله له ورضي عنه، وإن كان هناك منافقون فقد كانوا في صفوف علي ممن قتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه أو أعانوا عليه، ولا يعرف ذلك في صف غيره (حتى يلج الجمل) أي يدخل البعير. وقيل: الحبل الضخم (في سم الخياط) السم بفتح السين، وتضم وتكسر أي في ثقب الإبرة، وهو تعليق بالمحال، أي دخولهم في الجَنَّة محال كما أن دخول الجمل في ثقب الإبرة محال (الدبيلة) بالتصغير، وقد فسرها في الحديث التالي بسراج من نار يظهر في أكتافهم … إلخ.
أبو موسى الأشعري منافق
الأَعْمَشُ: عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ جُلُوْساً، فَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مُوْسَى المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَحَدُهُمَا مُنَافِقٌ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَسَمْتاً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ اللهِ (1) .
قُلْتُ: مَا أَدْرِي مَا وَجْهُ هَذَا القَوْلِ، سَمِعَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ مِنْهُ، ثُمَّ يَقُوْلُ الأَعْمَشُ: حَدَّثْنَاهُمْ بِغَضَبِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاتَّخَذُوْهُ دِيْناً (2) .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كَانَ الأَعْمَشُ بِهِ دِيَانَةٌ مِنْ خَشْيَتِهِ (3) .
قُلْتُ: رُمِيَ الأَعْمَشُ بِيَسِيْرِ تَشَيُّعٍ فَمَا أَدْرِي.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ غُلاَةَ الشِّيْعَةِ يُبْغِضُوْنَ أَبَا مُوْسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِكَوْنِهِ مَا قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَمَّا حَكَّمَهُ عَلِيٌّ عَلَى نَفْسِهِ عَزَلَهُ، وَعَزَلَ مُعَاوِيَةَ، وَأَشَارَ بِابْنِ عُمَرَ؛ فَمَا انْتَظَمَ مِنْ ذَلِكَ حَالٌ.
قال الأرنؤوط (1) رجاله ثقات: وأخرجه الفسوي في ” تاريخه ” 2 / 771 من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، حدثني أبي، عن الأعمش، عن شقيق، واقتبسه ابن عساكر: 538.
فإن صح هذا عن حذيفة ولا إخاله يصح، فإنه قد أخطأ في حق هذا الصحابي الجليل الذي استعمله النبي صلى الله عليه وسلم هو ومعاذا على اليمن، وولي للخليفتين عمر وعثمان، وشهد له فضلاء الصحابة بوفور عقله، واستقامة سيرته، وورعه وفضله، على أن قول الأعمش الذي سيورده المصنف يفهم منه أن حذيفة إنما قال ذلك في حالة الغضب التي يقول فيها الإنسان كلاما لا يعتقد أحقيته إذا روجع، حين يسكت عنه الغضب، ولا يتعلق بما يقال في مثل هذه الحالة إلا الذين في قلوبهم مرض.
رجال السند
[7009] (2779) – (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ،
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمَّارٍ:
أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ فِي أَمْرِ عَلِيٍّ، أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ، أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ
إِلَيْكمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى
النَّاسِ كَافَّةً، وَلَكِنْ حُذَيفَةُ أَخْبَرَنِي عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “فِي أَصْحَابِيِ
اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا، فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ
الْخِيَاطِ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ، وَأَرْبَعَةٌ” لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ).
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 – (أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ) الشاميّ، نرْيل بغداد، يكنى أبا عبد الرحمن،
ويُلَقّب شاذان، ثقةٌ [9] مات في أول سنة ثمان ومائتين (ع) تقدم في “المساجد
ومواضع الصلاة” 56/ 1552.
2 – (قَتَادَةُ) بن دعامة السَّدُوسيّ البصريّ، تقدّم قريبًا.
3 – (أَبُو نَضْرَةَ) المنذر بن مالك بن قُطَعة – بضم القاف، وفتح
المهملة – العبديّ الْعَوَقيّ البصريّ، مشهور بكنيته، ثقةٌ [3] (ت 8 أو 109)
(خت م 4) تقدم في “الإيمان” 6/ 127.
4 – (قَيْسُ) بن عُبَاد -بضمّ العين المهملة، وتخفيف الموحّدة- الضبعيّ،
أبو عبد الله البصريّ، مخضرم، ثقة [2] مات بعد الثمانين، ووهم مَن عدّه في
الصحابة (خ م د س ق) تقدم في “فضائل الصحابة” 33/ 6361.
5 – (عَمَّارُ) بن ياسر بن عامر بن مالك الْعَنْسيّ- بنون ساكنة، ومهملة-
أبو الْيَقْظَان، مولى بني مخزوم الصحابيّ الجليل المشهور، من السابقين
الأولين، بَدريّ، قُتل مع عليّ -رضي الله عنهما- بصِفِّين سنة سبع وثلاثين (ع) تقدم في
“الحيض” 27/ 824.
6 – (حُذَيْفَةُ) بن اليمان، واسم اليمان حُسَيل -بمهملتين، مصغّرًا-
ويقال: حِسْل – بكسر، ثم سكون- الْعَبسيّ- بالموحّدة- حليف الأنصار،
الصحابي الجليل، من السابقين، صحّ في مسلم عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه
اللامي مسند احمد ج 38 ص 347
23321 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ جُمَيْعٍ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ [وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ] ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ، كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ، قَالَ: إِنْ كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ـ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَقَالَ الرَّجُلُ: كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ـ قَالَ: فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ ـ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فِيهِمْ ـ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ـ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: الْأَشْهَادُ ـ وَعَذَرْنَا (1) ثَلَاثَةً، قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ ـ قَالَ: أَبُو أَحْمَدَ فِي حَدِيثِهِ: وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى ـ فَقَالَ لِلنَّاسِ: ” إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ “، فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ (2)
__________
(2) إسناده قوي على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن عبد الله بن جميع، فهو صدوق حسن الحديث من رجال مسلم. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة الليثي.
وأخرجه مسلم (2779) (11) من طريق أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير وحده، بهذا الإسناد.
وأخرجه دون المرفوع منه ابن أبي شيبة 14/599-600 عن أبي نعيم الفضل ابن دكين وحده، به. =
صحيح مسلم 50 – كِتَابُ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ
(2779) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ ؟ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ، قَالَ: كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَعَذَرَ ثَلَاثَةً، قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ، وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ فَمَشَى فَقَالَ: «إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ، فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ» فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ، فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ
فَيَطْرَحُوهُ مِنَ الْعَقَبَةِ
مجمع الزوائد للهيثمي ج 1 ص 145
425 – وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَانْتَهَى إِلَى عَقَبَةٍ، فَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى: لَا يَأْخُذَنَّ الْعَقَبَةَ أَحَدٌ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَسِيرُ يَأْخُذُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَسِيرُ، وَحُذَيْفَةُ يَقُودُهُ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَسُوقُهُ، فَأَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمِينَ عَلَى الرَّوَاحِلِ حَتَّى غَشُّوا النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَرَجَعَ عَمَّارٌ فَضَرَبَ وَجُوهَ الرَّوَاحِلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِحُذَيْفَةَ: ” قُدْ قُدْ ” فَلَحِقَهُ عَمَّارٌ، فَقَالَ: سُقْ سُقْ، حَتَّى أَنَاخَ، فَقَالَ لِعَمَّارٍ: هَلْ تَعْرِفُ الْقَوْمَ؟ فَقَالَ: لَا، كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ، وَقَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ. قَالَ: أَتَدْرِي مَا أَرَادُوا بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَيَطْرَحُوهُ مِنَ الْعَقَبَةِ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ نَزَعَ بَيْنَ عَمَّارٍ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْهُمْ شَيْءٌ مَا، يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَمْكُرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَرَى أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ. قَالَ: فَإِنْ كُنْتُ فِيهِمْ فَكَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَشْهَدُ عَمَّارٌ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ حِزْبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
اللامي المحلى لابن حزم ج 12 ص 160 وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَسَاقِطٌ، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ – وَهُوَ هَالِكٌ – وَلَا نَرَاهُ يَعْلَمُ مَنْ وَضَعَ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى أَخْبَارًا فِيهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ – أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ – وَإِلْقَاءَهُ مِنْ الْعَقَبَةِ فِي تَبُوكَ – وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ الْمَوْضُوعُ الَّذِي يَطْعَنُ اللَّهُ تَعَالَى وَاضِعَهُ – فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ – وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
علما أن الوليد بن جميع من رواة مسلم ومن العلماء من وثقه
زاد المعاد في هَدي خير العباد المؤلف: شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي، ابن قيم الجوزية (691 – 751 هـ) حقّق نصوصَه وخرّج أحاديثه وعَلّق عليه: شعيب الأرنؤوط [ت 1438 هـ]- عبد القادر الأرنؤوط [ت 1425 هـ] مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان
زاد المعاد في هَدي خير العباد المؤلف: شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي، ابن قيم الجوزية (691 – 751 هـ)
حقّق نصوصَه وخرّج أحاديثه وعَلّق عليه: شعيب الأرنؤوط [ت 1438 هـ]- عبد القادر الأرنؤوط [ت 1425 هـ] الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان ج 3 ص 477
[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ] [مَا هَمَّ الْمُنَافِقُونَ بِهِ مِنَ الْكَيْدِ وَعِصْمَةِ اللَّهِ للرسوله] فَصْلٌفِي رُجُوعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ
وَمَا هَمَّ الْمُنَافِقُونَ بِهِ مِنَ الْكَيْدِ بِهِ، وَعِصْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ
ذَكَرَ أبو الأسود فِي ” مَغَازِيهِ ” عَنْ عروة قَالَ: «وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَكَرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَتَآمَرُوا أَنْ يَطْرَحُوهُ مِنْ رَأْسِ عَقَبَةٍ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْعَقَبَةَ أَرَادُوا أَنْ يَسْلُكُوهَا مَعَهُ، فَلَمَّا غَشِيَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ خَبَرَهُمْ فَقَالَ: (مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْخُذَ بِبَطْنِ الْوَادِي فَإِنَّهُ أَوْسَعُ لَكُمْ، وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَقَبَةَ وَأَخَذَ النَّاسُ بِبَطْنِ الْوَادِي إِلَّا النَّفَرُ الَّذِينَ هَمُّوا بِالْمَكْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا سَمِعُوا بِذَلِكَ اسْتَعَدُّوا وَتَلَثَّمُوا، وَقَدْ هَمُّوا بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَمَشَيَا مَعَهُ، وَأَمَرَ عمارا أَنْ يَأْخُذَ بِزِمَامِ النَّاقَةِ، وَأَمَرَ حذيفة أَنْ يَسُوقَهَا، فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا وَكْزَةَ الْقَوْمِ مِنْ وَرَائِهِمْ قَدْ غَشَوْهُ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ حذيفة أَنْ يَرُدَّهُمْ، وَأَبْصَرَ حذيفة غَضَبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعَ وَمَعَهُ مِحْجَنٌ، وَاسْتَقْبَلَ وُجُوهَ رَوَاحِلِهِمْ، فَضَرَبَهَا ضَرْبًا بِالْمِحْجَنِ، وَأَبْصَرَ الْقَوْمَ وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ وَلَا يَشْعُرُ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْمُسَافِرِ، فَأَرْعَبَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِينَ أَبْصَرُوا حذيفة، وَظَنُّوا أَنَّ مَكْرَهُمْ قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، فَأَسْرَعُوا حَتَّى خَالَطُوا النَّاسَ، وَأَقْبَلَ حذيفة حَتَّى أَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: اضْرِبِ الرَّاحِلَةَ يَا حذيفة، وَامْشِ أَنْتَ يَا عمار، فَأَسْرَعُوا حَتَّى اسْتَوَوْا بِأَعْلَاهَا، فَخَرَجُوا مِنَ الْعَقَبَةِ يَنْتَظِرُونَ النَّاسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لحذيفة: هَلْ عَرَفْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ أَوِ الرَّكْبِ أَحَدًا؟ قَالَ حذيفة: عَرَفْتُ رَاحِلَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَالَ: كَانَتْ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَغَشِيَتْهُمْ، وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ شَأْنُ الرَّكْبِ وَمَا أَرَادُوا؟ قَالُوا: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ مَكَرُوا لِيَسِيرُوا مَعِي حَتَّى إِذَا اطَّلَعْتُ فِي الْعَقَبَةِ طَرَحُونِي مِنْهَا، قَالُوا: أَوَلَا تَأْمُرُ بِهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ وَيَقُولُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَضَعَ يَدَهُ فِي أَصْحَابِهِ، فَسَمَّاهُمْ لَهُمَا وَقَالَ اكْتُمَاهُمْ) » .
عمر يقول هل أنا من المنافقين
مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون
إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة
ج 44 ص 173
26549 – حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَا أَرَاهُ وَلَا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أَمُوتَ أَبَدًا ” قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، قَالَ: فَأَتَاهَا يَشْتَدُّ، أَوْ يُسْرِعُ (2) ، شَكَّ شَاذَانُ، قَالَ: لَهَا (3) : أَنْشُدُكِ بِاللهِ، أَنَا مِنْهُمْ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَنْ أُبَرِّئَ بَعْدَكَ أَحَدًا أَبَدًا (1) (2)
(1) في (م) : ولن أبرىء أحداً بعدك أبدً.
(2) حديث صحيح، وهذا إسناد خالف فيه عاصم – وهو ابن بهدلة سليمانَ الأعمش، فأدخل مسروقاً بين أبي وائل شقيق بن سَلَمة وبين أمِّ سَلَمة، والأعمش أحفظُ منه، كما بينا في الرواية السالفة برقم (26489) . شريك – وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سيِّىء الحفظ- توبع، كما سيرد. وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. أسود: هو ابن عامر، ومسروق: هو ابن الأجدع.
وأخرجه الطبراني في “الكبير” 23/ (719) من طريق أبي نُعيم، عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً 23/ (720) من طريق عمرو بن أبي قيس، و (721) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، كلاهما عن عاصم ابن بَهْدَلة، به.
وسيأتي برقم (26659) .
قال السندي: قولها: لن أبرىء، من التبرئة، ومعنى بعدك، أي: بعد سؤالك، يريد أن مثلك إذا كان في شكٍّ من أمره حتى جئت تسألني فمن الذي يستحقُّ يبرؤ وينزه عن السوء ويشهد له بالخير، فإنه لو كان أحد كذلك لكنت أنت وأمثالُك أحقَّ بذلك، وهذا أظهر مما سبق في الحديث [26489] : ولن
أبلي، وفسره في النهاية بقوله: ولن أخبر، والله تعالى أعلم.