تفسير الطهور على عشرة وجوه
الوجه الأول: الطهور يعني الاغتسال
وذلك قوله في البقرة: {وَلَا تَقْرَبُوْهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ} يعني حَتَّى يغتسلن من المحيض، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعني فإذا اغتسلن، {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} يعني في الفرج. وقال في المائدة: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فاطهروا} يعني فاغتسلوا.
الوجه الثاني: الطهور يعني الاستنجاء
الطهور يعني الاستنجاء بالماء، وذلك قوله في براءة، {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} يعني أن يغتسلوا إِثر البول والغائط، {والله يُحِبُّ المطهرين} .
الوجه الثالث: الطهور يعني به الطهر بعينه من جميع الأحداث والجنابة
وذلك قوله في الأَنفال: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السمآء مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} يعني من الأَحداث والجنابة. وقوله في الفرقان: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً طَهُوراً} للمؤمنين، يتطهَّرون به من الأَحداث والجنابة.
الوجه الرابع: الطهر يعني التنزه عن إتيان الرجال في ادبارهم
وذلك قوله في الأَعراف: {أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} يعني يتنزَّهُون عن إِتيان الرّجال في أدبارهم. ونظيرها في النَّمل.
الوجه الخامس: الطهر يعني من الحيض والأقذار
وذلك قوله: {وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} يعني لهم في الجنَّة أزواج مطهَّرة من الحيض والأَقذار كلّها. ونظيرها في آل عمران حيث يقول: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم} إِلى قوله: {وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} من الحيض والأَقذار كلِّهَا. ونظيرها في سورة النِّساء.
الوجه السادس: الطهور يعني من الذنوب
وذلك قوله في إِذا وقعت الواقعة: {لَاّ يَمَسُّهُ إِلَاّ المطهرون} يعني المطَهرُون من الذنوب، وهم الملائكة. وقال في المجادلة للمؤمنين: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ} / لذنوبكم. وقال في براءة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} مِنْ الذُّنُوبِ، {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أي وتصلحهم بها.
الوجه السابع: الطهور يعني من الشرك
وذلك قوله في المفصَّل: {فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ} يعني القرآن، يعني من الشِّرك. وقال أيضا: {يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} يعني القرآن مطهّر من الشِّرك والكفر. وقال في البقرة: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} من الأَوثان، يعني لا تذرَا حَوْلهُ وَثنا يُعْبَدُ من دون الله، {لِلطَّائِفِينَ والعاكفين} . ونظيرها في الحجِّ.
الوجه الثامن: الطهر يعني طهور القلب من الريبة
وذلك قوله في البقرة/: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بالمعروف [ذلك يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر] ذلكم أزكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} لقلب الرجل والمرأة من الرّيبة. وقال في الأَحزاب لنساء النَّبِي عليه السلام: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} يعني من الرّيبة والدَّنس.
الوجه التاسع: الطهور يعني به من الفاحشة والإثم
وذلك قوله في آل عمران: {يامريم إِنَّ الله اصطفاك وَطَهَّرَكِ} من الفاحشة والإِثم. ذلك أن اليهود قذفوها بالفاحشة. وقال في الأَحزاب. {يانسآء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ} إِلى قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس}
يعني الإِثم الذي ذكر في هذه الآيات {وَيُطَهِّرَكُمْ} من الإِثم {تَطْهِيراً} .
الوجه العاشر: الطهور يعني الحلال
وذلك قوله في هود: {هاؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} يعني هنَّ أحلُّ لكم. وكلُّ رجس في القرآن فإنما هو إِثم، والرِّجز كلّه العذاب، والرِّجز الأَوثان.